بسم ألله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله المعصومين
تحدث القرآن الكريم عن الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه ) في ايآت كثيرة منها :
قوله تعالى
((أنّ الأرض يرثُها عباديَ الصالحون))
_________________________
قال تعالى في محكم كتابه العزيز (( ولقد كتبنا في الزبورمن بعد الذكرأنّ الأرض يرثُها عبادي الصالحون)) ((إنّ
في هذا لبلاغاً لقومٍ عابدين)) /105/106/سورة الأنبياء.
في البداية لابُدَّ من توضيح المبادىء المعرفية للآيتين الشريفتين أعلاه.
فنقول إنّ المقصود بكتابة ألله تعالى هنا وفي كل مورد تردُ فيه لفظة كَتَبَ في القرآن الكريم هو إيجاب ألله تعالى
للشيء على ذاته أي تعهده سبحانه تعهدا ذاتيا بتطبيق ما ألزمه على نفسه تعالى كتابة تكوينية وتشريعية لن
تتخلف أبدا في وقت تحقيقها بإرادته تعالى.
أمّالفظة (الأرض) فيُراد بها جنس الأرض لا الأرض المخصوصة وهنا كناية رائعة عن لزوم هيمنة وسلطنة
الصالحين في نهاية المطاف الوجودي على تمام الأرض كلها وبسطهم لعدل ألله تعالى فيها ميدانيا ونشرهم
لتوحيده الحق.
والمراد بالصالحين هنا هم الصالحون نفسا وقولا وفعلا وفكرا وعقيدةً وأجلى مصداق للصالحين هو شخص
المعصوم /ع/ وأعني الإمام المهدي/ع/.
وحتى أنّ السيد الطباطبائي ذكر في تفسيره الميزان /ج14/ص315/ أنّ مصداقها كما عن تفسير القمي (( القائم
وأصحابه)).
طبعاً والملفت للنظر إرداف هذه الأية الشريفة بقوله تعالى (( إنَّ في هذا لبلاغا لقومٍ عابدين)) ونقف هنا أيضا
على ضرورة فهم مدلول هذه الآية وهي تستعمل حرف (إنّ) المؤكَِّد والمُقَررللحكم وتثبيته حال الشك فيه
.....وتستعمل الآية أيضا لفظ (هذا) و هو إسم إشارة يرمز للقريب المحسوس خارجا أو المعقول المُنَزَّل منزِلَة
المحسوس من الأمر.
والآية أيضا إستعملت أرقى لفظة وأفصحها معنىً وهي لفظة (البلاغ) والتي تعني نهاية الشيء وغايته أو نفس
الوصول إلى الغاية المنشودة
ولفظة (لبلاغا) تستبطن معنىً تأكيدي خطير لاسيما أنّها دخلت عليها (لام التزحلق والتقوية للخبر)
وهذا المعنى الخطير والحتمي هو قطعيَّة وقرب تحقق الغاية المنشودة للقوم العابدين .
ولفظة العابدين أيضا ممكن أن تنطبق مصداقا على المؤمنين المُنتَظِرين للإمام المهدي /ع/ أو أنصاره وأصحابه
المُخلصين.
ونحن نعلم قطعا أنّ إنتظار ظهور المهدي /ع/ هو أفضل عبادة كما قال النبي محمد /ص/ ذلك ((أفضل عبادة
أمتي الأنتظار)).
فعلى هذه الأسس الشرعية والقرآنية القطعية يكون الإمام المهدي/ع/ هو الوريثُ الشرعي الخاتم للأرض وبإذن
ألله تعالى.
والقرآن أيَّدَ ذلك بقوله تعالى (( ونُريدُ أن نمُنَّ على الذين اُستُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين))
/5/ القصص/.
فهنا الأية جمعت بحكم واو العطف والتي تقتضي التشريك في الحكم بين إمامة الوارث ووراثته الجعلية بجعل ألله
تعالى (( نجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين))
وهذا الجعل الألهي لم يتحقق لأحد إلى ألان فليس له مصداقا إلاّ الإمام المهدي/ع/ فهو الإمام المجعول إلهيا وهو
الوريثُ للأرض ربانيا.
والروايات واضحة التفسير في ذلك.
وأخيراً هذه الآيات الشريفة آيات حقيقية في دلالاتها ولم تكن آيات مرحلية خارجية قد يظن البعض تحققها من
قبل.....
وهي بنصها البيَّن تعطينا تفاؤلا تأريخيا قادما وحتميا بمعرفة ووعي نهاية المحنة في الغيبة الكبرىوالتي يكون
عندها الفرج والظهور الشريف لمهدي ألله تعالى الموعود والعاقبة للمتقين.
:: هذا المقال مُقتَبَس من كتاب ((قراءة معرفية جديدة تعنى بشأن الإمام المهدي/ع/ تشتمل على بحوث تخصصية
في القضية المهدوية)) /إعداد /(مرتضى علي الحلي):