تعتبر الحمية الغذائية وسيلة فقدان الوزن المفضلة لدى معظمنا؛ تقول الإحصاءات أن ما يقارب السبعين بالمئة
من السيدات والثلاثين بالمئة من الرجال قد جرّبوا أحد أنواع الحميات الغذائية خلال العشر سنوات الأخيرة. لكن
لسوء الحظ يبقى الحال عادة على ما هو عليه. فبالرغم من تحسن النتائج على المدى القصير، فإن عدداً قليلاً هو
من يتمكن من الحفاظ على ما فقده من وزن مهما كان نوع الحمية المتبعة، بل وقد يحدث للآخرين ما هو أسوأ
فيزيد وزنهم عما كانوا عليه قبل بدء الحمية؛ فما هي إذن الأسباب التي تجعل الحمية تفشل؟
صعوبة التنفيذ:
معظم الحميات الغذائية تتضمن تغييراً كبيراً في العادات الغذائية خلال مدة محددة من الوقت، لكن العادات كما
هو معروف أمر صعب التخلص منها، فنحن نتمسك غريزياً بها لأنها تلائم نمط حياتنا والبيئة المحيطة بنا،
ويتسبب تغيير من هذا النوع في ضغط عصبي، خاصة إذا كان معاكساً لما اعتاد الشخص عليه. إتباع حمية أمر
صعب كذلك بسبب إعتمادها بالأساس على قوة الإرادة التي تبقيها على الطريق الصحيح، هذه الإرادة تكون في
ذروتها عند بداية الحمية فحينها نكون متلهفين على تغيير مظهرنا، ولكنها سرعان ما تتأثر بكم الضغوط اليومية
وما تصل إليه حالتنا الصحية. ونادراً ما يفكر ممارسو الحمية في التدرب على مواقف كالخروج للعشاء مع
أصدقاء، ويأملون فقط أن تسعفهم إرادتهم، بينما يعاقبون أنفسهم إن فشلت. تزداد صعوبة الإعتماد على قوة
الإرادة وحدها إذا كانت قواعد الحمية صارمة جداً، بالإضافة إلى إحتمال التهاون في تطبيق الحمية بمجرد ظهور
بعض التحسن. من هنا نرى كيف أن الحمية الغذائية صعبة التطبيق عندما لا يفرق الشخص بين قوة الإرادة
والإلتزام بتغيير السلوك على مدى طويل.
الحمية تشعرك بالجوع والحرمان:
نعلم كلنا أن الممنوع مرغوب. يظهر هذا بوضوح في الدراسات التي تبين أنه مهما كان حجمك، فإن الحمية
تجعلك أكثر نهماً وشوقاً لذات أنواع الأطعمة التي تحاول تجنبها، ناهيك عن شعور الحرمان الذي تختبره كلما
رأيت الآخرين يتناولون شيئاً تمتنع انت عنه، هذا النوع من التفكير يؤدي في النهاية إلى الشره كطريقة للتمرد
على الحمية.
ما بين الهفوات:
تعمل الحمية وقتما التزمت بها، يشعر الناس عادة بالملل من الأنظمة الغذائية الصارمة ويرغبون في أخذ راحة
من وقت لآخر، المشكلة هنا هي أن الكثير منهم يرون تلك الهفوات علامة على الفشل في تطبيق الحمية،
فيستسلمون لتلك الفكرة وينزلقون لتناول أي شئ بعد أن يقنعون أنفسهم أنهم سيبدأون الإلتزام من جديد فيما بعد.
مثل هذه الفئة تنتقل من حمية لأخرى آملين أن يجدوا نظاماً يحد من فشلهم بهذه الطريقة لكن في الواقع لا توجد
حمية بهذا الشكل، فينتهي بهم المطاف ربما أكبر وزناً كل مرة يحاولون فيها تجربة حمية جديدة.
الأنظمة الغذائية لا تراعي الجوانب النفسية للشراهة في الأكل:
في أغلب الأحوال تتواجد أسباب نفسية تدفع الشخص للأكل بشراهة، وليس مجرد الشعور بالجوع، وهذا طبيعي،
ولكن البعض يتحول الطعام بالنسبة له ملاذاً للراحة النفسية والتعامل مع المشاعر السلبية كالغضب أو الحزن كما
يحدث بعد يوم سئ في العمل أو شجار مع مقربين. هذا النوع من الشراهة المرتبطة بأسباب نفسية لا تحلها
الحمية الغذائية، بل وربما تزيد الحمية في حد ذاتها من الشعور بالإكتئاب، ويؤدي فقدان الوزن كذلك إلى مشاكل
أخرى حيث تزيد الضغوط على الشخص لمحاولة الحفاظ على شكله الجديد.
الحمية لا تغير كل عاداتك:
الأشخاص الذين ينجحون في إنقاص وزنهم هم من يلتزمون بتغيير دائم في أنماط الأكل والرياضة الخاصة بهم
وعائلاتهم أيضاً. البعض يكتفون بإنقاص وزنهم مع عدم التخلص من العادات الغذائية القديمة ذاتها، فيكافئون
أنفسهم بوجبة دسمة إذا ما وصلوا لوزن معين، أو يفكرون: "لماذا ينبغي على عائلتي تغيير سلوكها الغذائي
أيضاً؟" فهذه العادات تتسلل إليك بمرور الوقت وتعيدك إلى حيث بدأت مهما كان حجم الوزن الذي فقدته.
نمط حياة، وليس مجرد حمية:
في عالم ملئ بالمغريات تغدو رغبتك في الحصول على وزن صحي والتحكم في ما تتناوله أمراً جديراً بالثناء،
لكن ممارسة الحمية الغذائية بمفهومها الشائع لن تصل بك حيث تريد. ستجد أن هناك أشياء عديدة –بجوار
عاداتك الغذائية- داخل حياتك تحتاج التغيير من أجل المحافظة على ما تحققه من إنقاص للوزن.
:cheers: